Saturday, August 10, 2019

سرقات مباحة


فى نفس الفترة التى خرجت علينا منصات إعلامية على الإنترنت محملة بالأفلام والمسلسلات وتصرخ رافعة شعار حماية حقوقها الأدبية والفنية للنشر والإبداع ضد السطو الأليكترونى من جهات تقوم بتحميل انتاجها على الشبكات العامة مجاناً، نكتشف كل يوم أن أغلب تلك الأعمال تحمل كم هائل من السرقات الفنية.
سواء كانت سرقة للفكرة الأساسيه للعمل، أو سرقة محتوى العمل بأكمله، أو موسيقاه التصويريه أو حتى بوستر أو أفيش العمل الفنى الدعائى، أيّن كان العمل سينما او مسلسل الى أن وصلت الى الروايات… هي الاستسهال بمعنى أخر و أدق .. الـ سرقة …!! .. رغم  أننا أصبحنا فى مجتمع لا يكف حديثه عن حقوق الابداع والنشر وحقوق المبدعين والناشرين.. ولكن هل أحدهم فكر للحظه أنها واجبات قبل ان تكون حقوق..؟؟
المشكله الحقيقيه أن أغلب من يقوم بهذه السرقات ينكر انها مسروقة ويصر على أنها من ابداعه الخاص، الاكثر غرابه  البقيه القليله التى تعترف بسرقة الأفكار!! .. لكنها تصر على انه اقتباس ولا يصح أن نسميها سرقة ولا تُظهر مبرر مُقنع لتبرير فعلتهم.. فهل أنت عاجز عن التفكير والابداع مثلا؟؟.. لماذا السرقة؟؟ المشكله الاكبر الان  أن السرقة لم تعد فقط قاصره على الفكره أو الاقتباس فى التأليف  بل فى التفيذ أيضا.. باعتبار أن المشاهد غبى أو ساذج.. ولايشاهد أعمال الغرب.. فهم حتى لا يسرقون أفكار من أعمال فاشله أو غير مشهوره.. بل يسرقون الفكره الناجحه حتى يجدوا مثل نجاح الفكره الاصليه..
هل حقوق النشر من حقهم فقط..! !
السرقة أصبحت طريقة أسهل من أى محاولة للإبداع التخليقى وإنتاج محتوى فنى جديد قائم على أفكار مصرية خاصة بالمؤلف، البعض يعتقد أن تلك الأعمال الغربية أو حتى الشرقيه منها، لا يشاهدها غيرهم، متناسين أن الشبكة العنكبوتيه جعلتنا قادرين على مشاهدة العالم كله، ومتابعة أعماله الفنيه كلها.
وجعلت أى شركة إنتاج فى الخارج قادره على معرفة من يقوم بسرقة أعمالها أيضاً..
حيث ذكرت جريدة الإندبندنت البريطانية، فقرة فى نهاية خبرها المتعلق بإعلان تفاصيل الفيلم الجديد المشتق من مسلسلBreaking Bad المقرر عرضه 2021 القادم، أن المسلسل التلفزيونى الشهير لـ "والتر وايت" يواجه عمليات سرقة داخل مصر بعد سرقته فى عمل درامى مصرى. ورغم عدم تطابق أحداث العملين الدراميين، لكن الحبكة الأساسية متشابهة، فضلا عن وجود تطابق أحيانا في المشاهد والألفاظ المستخدمة في الحوار.
حتى أن اللصق الطبى الذى وضعه البطل فى العمل الأمريكى على أنفه، قاموا بوضعه على أنف البطل فى العمل المصرى.
ورغم أن مؤلف العم أيمن سلامة نشر على صحفته على الفيسبوك منشورا لتبرئة عمله من تهم الإقتباس، إلا أنه سرعان ما حذفه بعض تعرضه لهجوم كاسح وانتقادات كثيرة.
هناك أيضاً مسلسل حكايتى الذي قام بتأليفه محمد عبد المعطي مأخوذ عن رواية "لاسكالا" للروائية نور عبد المجيد، مع وجود تغييرات بسيطة في تفاصيل الأحداث، ومع أن صنّاع العمل لم يقوموا بالرد أو التعليق على الإتهام ، إلا أن نور عبدالمجيد كتبت بالنص - مسلسل "حكايتى" الذى يعرض الآن هو مسخة من روايتى "لاسكالا"!!
داليدا فى المسلسل هى يسر الغندور فى الرواية..
صوفيا أمها الفرنسية فى المسلسل هى ناتاشا بافلوف فى الرواية ..
سليمان شديد الطاهر هو بهجت الغندور ..
سليم شديد الطاهر هو عصمت الغندور 
نادر ابن عم داليدا هو فريد ابن عم يسر
على البارون هو عزيز الفوال 
خلود هى خديجة 
فريدة عسل هى اليزابيتا بوسكيمى 
زوجة سليمان الطاهر هى قدرية
الخان بدلا عن دمرو 
الأسكندرية بدلا عن ايطاليا !!!
وتابعت كاتبه.. "حاولت أن أتجاهل الأمر ولكن بعد أن شاهدت الحلقات شعرت أن سكوتى هو أمر يحاسبنى الله عليه.. لاسكالا روايتى..
"
لاسكالا" عام من الكتابة والألم ..
وُلدت هذه الرواية على أرض مصر وعلى أرضها سُرقت
وعلى أرضها أتقدم إلى القضاء ..
لن يخذلني الله فأنا يوما لم اعتدي على حق أحد.. لن يخذلني الله فأنا ادعوه ان يُظهر الحق ..
ان يقتص من كل من يستبيح لنفسه كلمة لم يكتبها.. فكرة لم تؤرق مضجعه ليالٍ طويلة..
لا اريد سوى ان يُظهر الله الحق.. إن كانت "لاسكالا" مني فقد كانت لكم ..
أنتم و أنا شركاء..
سرقة الكلمة جريمة .. سرقة الفكرة حرام!!".
و ليس ذلك فقط فختى الملصق الترويجي للمسلسل، مأخوذ من الفيلم"ديور وأنا".
الأمر ليس بجديد على واقع الفن المصرى، لكن هناك فرق شاسع بين اقتباس رواية أجنبية لتقديمها كعمل فنى هنا بعد أن قُدم كعمل فنى فى الخارج، كما حدث على سبيل المثال وليس الحصر مع روايتى آنا كارنينا وجين اير اللذان قدما فى فيلمى "نهر الحب" لفاتن حمامه وعمر الشريف، وفيلم "هذا الرجل أحبه"، لماجدة ويحيى شاهين فقد تم التصريح فى بداية الفيلمين أنهما مقتبستان عن الروايتين المذكورتين.
أذكر المخرج حسين كمال حين تحدث عن فيلم حبيبى دائما المقتبس عن الفيلم الاجنبى الاشهر love story أنه قال حين رأيت الفيلم شعرت ببروده فى  مشاعر الممثلين والفيلم كان فى حاجه الى مشاعر دافئه،  حتى انه تحدث عن المشهد الذى تعترف فيه البطله بمرضها لحبيبها، الذى يتقبل الخبر بايماءه بارده من رأسه ويكمل بقيه الحوار كأن شىء لم يكن.. أو كأنها أخبرته انها تحتاج الى شاى.. حينها وجد انه لو نفذ الفيلم بطريقته  فإن المشاعر الدافئه للعلاقه بين البطلين ستظهر أكثر ويكون الفيلم له تأثير أكبر على المشاهدين.
هذا كله على عكس فيلم "واحدة بواحدة" –على سبيل المثال لا الحصر أيضاً - لعادل إمام وإخراج نادر جلال، المأخوذ من الفيلم الأمريكي Lover, Come Back تقريباً بالمشهد وأداء الممثلين وشكلهم داخل العمل، وربما بالحوار أيضا، ولم يُذكر ذلك حينها.


أيضاً فيلم طاطا وريكا وكاظم بيه" بطوله النجم كمال الشناوي ونجاح الموجي وجالا فهمي، مأخوذ عن الفيلم الأمريكي Dirty Rotten Scoundrels من بطوله ستيف مارتن ومايكل كين وغليين هادلي.
وحتى  النجم أحمد حلمي، نجد تشابهاً صارخاً بين فيلم ألف مبروك والذي يتناول فكره توقف الزمن عن التقدم، ليكرر اليوم نفسه مراراً، مع فيلم Groundhog Day بطوله بيل موري، والذي عرض في العام 1993.
هل لم يعد هناك داع من التفكير ومحاولة الإبداع وخلق فن وتراث خاص بنا، بدل المحاولات الفاشلة من سرقة وتمصير أعمال أجنبيه..؟؟
هل وصلنا لمرحله الشلل فى الفكر والابداع لاستسهال السرقة دون حتى بذل مجهود فى تحوير الفكره وتوليد أحداث جديده ؟!! هل الابداع المصرى الذى كان يحرك حركه الفكر فى الوطن العربى وربما أحيانا فى العالم الذى حفل بموسيقى عبد الوهاب وفريد الاأطرش بمقطوعات ابداعيه رائعه مدون عليها أساميهم عند الغربيين اقتصر على سرقة الافكار كوبى باست ..!!!
هناك أجيال تربت على روايات وكتب احسان عبد القدوس ونجيب محفوظ وفتحي غانم وغيرهم .. وأفلام صلاح أبو سيف وفطين عبد الوهاب وأيضا الشامل الممثل والمنتج والمخرج  أنور وجدى .. وطبعا أغانى وموسيقى عبد الوهاب والأطرش والسنباطى وبليغ وغيرهم كثير.. فما الذى ستتربى عليه الاجيال الحاليه التى تكبر على سرقة الابداع…؟؟ ما هو التراث الذى سنتركه للاجيال القادمه…..؟؟
و هل الأجيال القادمة ستحاول التغيير والإبداع أم ستسير على نفس الدرب السهل من السرقة وليس الإقتباس؟؟!
وختاماً...
سرقة الكلمة والأعمال الأدبية وحقوق النشر من المؤلف وصاحب العمل الأصلى جريمة ..!!

مع تحياتى 


Mkm_cinema1@hotmail.com  








No comments: